كعادتي قبل ان أكتب هذه الصفحة .. نزلت أقعد عالقهوة عشان ارصد تحركات المجتمع !
رحت أراقب تحركات البشرية من موقعي الاستراتيجي في القهوة المجاورة لموقع روايتي ... الأمن مستتب و لا يوجد ما يدعو للكتابة عنه .. لا توجد خناقة أو جدال بين اثنين حول موضوع ما .. و لا يوجد ما يدعو للريبة حولي ..
أثناء احتسائي لكوب الشاي باللبن سكر خفيف المعتاد .. التقطت أذني – غير الموسيقية أساسا- موجات ناشزة نبهتني لأرى ما هنالك ..
هل المغني يؤكد فعلا أن ( القطة جالها زغطة ) ؟؟
ما هذا الإسفاف ؟
كان العاملون في القهوة في حالة مزاحية مرتفعة فيما يبدو لأنهم كانوا مشغلين شريط لشعبولا !
رحت أتابع كلمات هذا الشريط في شرود إلا أنني انتبهت لبعض الأشياء التي لم أكن منتبها لها من قبل !
راح شعبولا – بعد أن انتهت أغنية القطة جالها زغطة التي لا اعرف اسمها - يغني أغنية ( خلصنا الصبر كله ) التي سمعها معظمنا و التي تتكلم عن مقاطعة المنتجات الدانماركية .. ربما يكون هدفه ساميا إلا أنني لم أستسغ مطلقا الكلام عن الرسول بطريقة :
" دا رسول الإنسانية ... الصادق الأمين .. هيييييييه !!!!"
انتهت الأغنية و أنا أضرب كفا بكف .. ربما العيب فيّ أنا لأنني لم أجد الخشوع الكافي أثناء الأغنية التي تتكلم عن رسول الله ذاته..!
و بدأت الأغنية التالية ....
الأغنية التالية لا تزيد في مستوواها الفني طبعا عن كل تحف شعبان عبد الرحيم .. كان اسمها ( حياة أمك ).. لكنه هنا كان يتكلم عن أهمية الأم في حياتنا و كيف أننا يجب ان نكن لها الاحترام و التقدير ..
لا حظ معي موضوعات الأغاني ..
تلاها أغنية ( عم جرجس ) التي تكلم فيها عن الوحدة الوطنية ...!
تلاها أغنية (ماتخافش من الحكومة ) التي أيد فيها شعبولا الأداء الحكومي بكلمات على غرار ( ..حتى عم عبده كان نفسه يبقى رئيس.. دي خطوة كانت جريئة..خطوة عالطريق .. متشكرين يا ريس !!)
دعك من الحكم السياسية التي تضمنتها الأغنية : ( الشعب و الحكومة بينهم ود.. التاني لازم يهدا لو شاف التاني بيشد.. هييييه !)
اعجبت بالكلمات بطريقة لا تصدق.. و أثارت حماسي روعة الأغنية التالية !!
كان اسمها ( اعملي مصلحة !) و كان يتكلم فيها فيما يبدو أن ثقافة المصلحة و أهمية المصالح لتسليك المسائل..
اسمع معي هذه العبارات :
( اعملي مصلحة .. اعملك مصلحة .. لاغيني هاتلاقيني.. عينيا مفتحة !!)
( هاتجيبلي مرة ساعة .. هاجيبلك مروحة !!)
( قبضني هاقبضك.. مشورني هامشورك !!)
و ( هيييييه !)
ليست ساذجة كما يبدو من أول وهلة .. رأيت فيها فلسفة لا باس بها و نقدا لأسلوب إدارة لم ينتقده أحد من قبل بهذه الطريقة !
* * *
لماذا لا تتكلم كل الأغاني الحديثة سوى عن الحب ؟
لا أعرف ..
كل المطربين الجدد لا هم لهم في الحياة سوى الحب و بعد الحبيب و الاشتياق إليه و بث الآلام و الأوجاع و التغزل في مدى روعته و جماله و دلاله ..
الحب قيمة سامية طبعا إن لم تكن الأسمى على الإطلاق .. لكن ألا يوجد في حياتنا سوى هذا الموضوع ؟
راقب بنفسك الشارع المصري .. هل تجد الجميع عشاقا يحملون الورود و يهيمون حبا بأحبائهم ؟
لا أظن.. لو كنت ترى هذا في شارعك فأرجوك أخبرني بعنوانك لأنني لم أجد شيئا من هذا القبيل عندنا ! (هذا إن لم تكن تسكن في كورنيش المقطم !)
زمان .. كان هناك مغن رخيم الصوت اسمه أحمد منيب .. تكلم عن الوحدة و عن الغربة .. تكلم عن آلام وطنه .. تكلم عن أشياء تمس وجدانك دون أن تكون حبا .. محمد منير يسير على نفس الدرب كما نعلم..
في الغرب بإمكانك أن تنتقي اي مطرب لترى كيف انه يتكلم عن الحياة و أحداثها .. يتكلم عن الإنسان الغربي بكل ما يشعر به.. (مودرن توكنج) غنوا ( في مائة سنة ).. تخيلوا في هذه الأغنية كيف ستكون الحياة بعد مائة سنة .. ألم تجذبك الفكرة ؟
* * *
جالت هذه الخواطر في ذهني و أنا استمع لشعبولا .. ألا يوجد إلا شعبولا ليكلمنا عن الحكومة و الشعب ؟
غير أحدهم الشريط ليقطع شريط ذكرياتي .. و وضع شريطا آخر أكثر رقيا لمطربة شهيرة جدا..
وجدت أن الفرصة قد سنحت اخيرا لأرتقي بذوقي الموسيقي..
كانت المطربة هي هيفاء وهبي ..
التي راحت تغني في إخلاص :
- " لما تبوس الواو شلتو خلا الواوا بح ! "