ما معنى الإحتساب؟
يقول ابن الأثير: " الإحتساب في الأعمال الصالحة وعند المكروهات هـو البدار إلى طلب الأجر
وتحصيله بالتسليم والصبر.. أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب
المرجو منها".
فاحتسبي أعمالكِ اليومية كفعل الطاعات...والصبر على المكروهات .. والحركات .. والسكنات ..
ليحسب ذلك من عملكِ الصالح...
إن الإحتساب عمل قلبي .. لا محل له في اللسان .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن النية
محلها القلب.. وأنتِ عندما تحتسبين الأجر من الله ذلك يعني أنكِ تطلبينه منه تعالى .. والله عز وجل
لا يخفى عليه شيء ..
قال تعالى << قـل إن تـُـخــفــوا ما في صـدوركـم أو تـبـدوه يـعـلمـه الله >> آل عمران :29
والعمل لا بد فيه من النية .. فالتي تحتسب وتنوي بعملها وجه الله فهو لله .. والتي تنوي بعملها الدنيا
فهو للدنيا فالأمر خطير جداً .. جداً .. و " النيات تختلف اختلافاً عظيماً ,, وتتباين تبايناً بعيداً كما بين
السماء والأرض .. من الناس من نيته في القمّة في أعلى شيء "..
ومن الناس من نيته في القمامة -أكرمكم الله - في أخس شيء وأدنى شيء ..
فإن نويتِ الله والدار الآخرة في أعمالكِ الشرعية حصل لكِ ذلك ..وإن نويتِ الدنيا فقد تحصل
وقد لا تحصل..!!!
قال تعالى << من كان يريد العاجلة عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد >> الإسراء : 18
لم يقل عجّلنا له ما يُريد ..!! بل قال ما نشاء - أي ما لا يشاء هو - لمن نريد- لا لكل إنسان ..
فقيّد المُعجّل والمُعجّل له..
إذاً من الناس من يُعطى ما يريد من الدنيا ومنهم من يُعطى شيئاً منه ومنهم من لا يُعطى شيئاً أبداً ..
وهذا معنى قوله تعالى <<عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد >> .. أمّا قوله تعالى << ومن أراد الآخرة
وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً >> الإسراء:19
لا بد أن يجني هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة .. وهذا يعني أن تحرصي على الإحتساب.
ولا تنسي كذلك أجر احتساب النيّة الصالحة الذي لا يُضيّعه الله أبداً حتى وإن لم تتمكني من أداء العمل
الصالح الذي تنوين القيام به ..
إن الإنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه حبسه عنه حابس فإنه يُكتب له الأجر.. أجر ما نوى..
أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر .. أي : لما كان قادراً كان يعمله ثم عجز عنه فيما بعد فإنه يُكتب
له أجر العمل كاملاً .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا مرض العبد أو سافر كـُـتــِبَ له ما كان
يعمل صحيحاً مقيماً )) أخرجه البخاري
فمثلاً إذا كان من عادته أن يصلي تطوعاً ولكنه منعه مانع ولم يتمكّن منه فإنه يُكتب له أجره كاملاً..
أما إذا كان ليس من عادته أن يفعله .. فإنه يُكتب له أجر النيّة فقط دون أجر العمل..
ولهذا ذكر النبي عليه الصلاة والسلام فيمن أتاه الله مالاً فجعل ينفقه في سبيل الخير ... وكان هناك
رجل فقير بقول لو أن لي مال فلان لعملت فيه عمل فلان.. قال النبي عليه السلام : ((فهو بنيّته فهما
في الأجر سواء ))أخرجه الترمذي
أي سواء في أجر النيّة أما في العمل فإنه لا يُكتب له أجره إلاّ إذا كان من عادته أن يعمله..
إنّ تعويدكِ نفسكِ على احتساب الأعمال خير على خير .. فمن فضل الله ورحمته بعباده أنه " من كان
من نيته عمل الخير .. ولكن اشتغل بعمل آخر أفضل منه .. ولا يمكنه الجمع بين الأمرين : فهو أولى أن
يُكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه وفضل الله عظيم ..
تـُـرى مـاذا تحـتـسـبـيـن؟
1- طلب علم شرعي
2- رفع الجهل عن نفسكِ وعن المسلمين
3-قضاء وقتكِ فيما يعود عليكِ بالنفع
4- التقرّب إلى الله تعالى بجمع أكبر قدر ممكن من الحسنات عن طريق محاولة احتساب أجور الأعمال
في حياتكِ اليومية كالطبخ والتنظيف وتربية الأبناء ومساعدة الآخرين وتقديم النصح والدلالة على
أبواب الخير ....الخ
وقد يفتح الله عليكِ فيوفقك ِ لإحتساب أمور أخرى لم يرد ذكرها هنا ...
و (( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم )) الحديد : 21
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين